الثلاثاء، مايو 06، 2008

الابتسامة خلق الدّعاة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

1/ الابتسامة خلق الدّعاة والبرّ الهيّن:

الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على خيرة الخلق، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين وصحابته الكرام وعلى المهتدين بهديهم إلى يوم الدّين، وبعد.


تُعدّ الابتسامة من أهم سمات الإنسان، بل إنّ غالب علماء التعريفات والمنطق يجعلونها القيد المميّز للإنسان عن غيره من الكائنات، فهم حين يعرّفون الإنسان يقولون: هو الحيوان الضّاحك لذاته. وكما لا يغيب فإن التعريف يقيّد باستعمال أهم المحددات التي يفرّق بها الشيء عن غيره؛ فالضحك إذن من أبرز ما يفرّق به الإنسان عن غيره من الحيوانات. والحيوانان الضاحكان فقط هما الإنسان والهدهد، والأخير يضحك لغيره، والإنسان يضحك لذاته.


وعلاوة على كون الابتسامة خصيصة إنسانية محضة لا يستغني عنها الإنسان، وحاجة اجتماعية، فإنها لغة إنسانية عالميّة، يعقل مدلولاتها البشر مع اختلاف إلسنتهم، وتفاوت ثقافاتهم ومستوياتهم. وهي من أرقى لغات الجسد التي منحها الله تعالى للإنسان، وهي علامة تكريم جلي له على غيره من المخلوقات، وتعدّ من وسائل الاتصال غير اللفظي المؤثّر لدى الكائن البشري، وهي طريق مختصر لكسب القلوب، ومفتاح لهداية الكثيرين، وباب عريض يوصل إلى النفوس ، ووسيلة حية للتعبير عما يجول في الخاطر تجاه الآخر، وهي تعبير صادق عن مشاعر عدّة كالفرح والخجل والغموض والحرج وغيرها، ورونقُ جمال، وإشراقة أمل، تَميّز بها الإنسان عن باقي الكائنات الحية لتضفي على وجهه قمة الراحة وذروة الانشراح ونهاية الانبساط.


والابتسامة نزعة غريزيّة، واستعداد فطري، لا يكتسب بالتجربة، وفيها إعلان الإخاء، وعربون الصفاء، ورسالة الود، وخطاب المحبة. وهي تقع على صخرة الحقد فتذيبها، وتسقط على ركام العداوة فتزيلها. و تحل حبل البغضاء، تطرد وساوس الشحناء، تغسل أدران الضغينة، تمسح جراح القطعية.... ومع أنها تحدث في ومضة إلا أن ذكرها يبقى دهرا، و هي المفتاح الذي يفتح أقسى القلوب، و هي الأداة التي تكبت الغضب و تسرّي عن القلب.

وتعرّف الابتسامة بأنها من أخف الضحك وأحسنه، وهي انفراج الشفتين عن الثنايا[1] مع انبساط الأسارير. والمبتسم كما يؤكد خبراء الأحاسيس الإنسانية يكون له تأثير ايجابي في الآخرين أكثر من الشخص الذي يبدو وجهه جادا دائما؛ لذلك يعتبر المبتسمون أناساً دافئين ودودين، ويقول الأستاذ محمد قطب –حفظه الله-: ( لا يكفي المال وحده لتأليف القلوب ولا تكفي التنظيمات الاقتصادية والأوضاع المادية، لابد أن يشملها ويغلفها ذلك الروح الشفيف، المستمد من روح الله، ألا وهو الحب، الحب الذي يطلق الابتسامة من القلوب فينشرح لها الصدر وتنفرج القسمات فيلقي الإنسان أخاه بوجه طليق). وللجاحظ الأديب فهم لطيف لقوله سبحانه وتعالى: (( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أمَاتَ وَأَحْيَا))[2] ؛ إذ قال : ((وضع الله سبحانه وتعالى الضحك بحذاء الحياة، ووضع البكاء بحذاء الموت، والله لا يضيف إلى نفسه القبيح، ولا يمن على خلقه بالنقص، فكيف لا يكون موقعه من سرور النفس عظيما، ومن مصلحة الطباع كبيرا، وهو في أصل الطباع، وفي أساس التركيب)).


وصدق الشاعر؛ إذ استغرب من المكتئب الذي لا يبتسم؛ فقال:

هشّت لك الدنيا فمالك واجماً***وتبسَّمَت فعلام لا تتبسم

إن كنتَ مكتئباً لعزٍ قد مضى***هيهات يرجعه إليك تندُّم

ومن فقه سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه نصح بنيه فقال لهم:

بنيّ إن البر شيء هين *** وجه طليق وكلام لين

وممّا يشير إلى قيمة الابتسامة وهي لازمة السماحة ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله:

يغطى بالسماحة كل عيب *** وكم عيب يغطيه السخاء


وروي عن الإمام ابن عيينة رحمه الله قوله: البشاشة مصيدة المودة. و يقول ديل كارينجي في كتابه كيف تكسب الأصدقاء و تؤثر في الآخرين: (( إن ما يقال أن سر النجاح يكمن في العمل الجاد و الكفاح فلا أؤمن به متى تجرد من الإنسانية اللطيفة المتمثلة بالإبتسامة اللطيفة)). وقرر الصينيون أهمية الابتسامة والطلاقة في التعامل؛ فقالوا في مثلهم المشهور:الرجل بوجه غير باسم لا ينبغي أن يفتح دكانا


وصدق زهير بن أبي سلمى؛ إذ قال:

تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله

ويحذر الشاعر الآخر أن نكون من الذين:

وجوههم من سواد الكبر عابسة***كأنما أوردوا غصبا إلى النار

ليسوا كقوم إذا لقيتهم عرضا***مثل النجوم التي يسري بها الساري

ولله در القائل:

إن الصديق يريد بسطك مازحاً فإذا رأى منك الملالة يقصر

وترى العدو إذا تيقّن أنه يؤذيك بالمزح العنيف يكثر

وأنقل عن الإمام المربّي ابن القيم الجوزية –رحمه الله تعالى- ؛ إذ يقول في أهمية البشاشة (( إن الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ ، ولله ما يجلب اللطف والظرف من القلوب فليس الثقلاء بخواص الأولياء ، وما ثقل أحد على قلوب الصادقين المخلصين إلا من آفة هناك ، وإلا فهذه الطريق تكسو العبد حلاوة ولطافة وظرفا ، فترى الصادق فيها من أحب الناس وألطفهم وقد زالت عنه ثقالة النفس وكدورة الطبع.)).


[1] المعجم الوسيط/ج1/ص59.

[2] سورة النجم، الآيتان رقم 43و44.

http://www.daawa-info.net/books1.php?parts=266&au=%D1%C7%E3%ED%20%C3%CD%E3%CF%20%E3%E1%CD%E3

الكاتب :السيد رامي أحمد ملحم (من كتاب ) الإبتسامة وأثرها فى عمل الداعية





هناك 7 تعليقات:

صاحب المضيفة يقول...

ما أجمل ما بينت وكتبت

وصدق النبي الخاتم صلى الله عيه وسلم فيما قال فيما معناه

تبسمك في وجه أخيك صدقة


دمت بود وسعادة

Empress appy يقول...

ياااااااا ربنا عارف احلى حاجه فى الدنيا بجد الابتسامه والله
عارف لما بصحى من النوم الصبح وابص لنفسى فى المرايا واكون شكلى فيه حاجه غلط كده اقعد اضحك او ابتسم بيبقى اليوم حلو تخيل لو فى وجهه حد تانى

ابو العربى يقول...

رائع جزاك الله خيراا بس ياريت نستخدم الابتسامه فى الدعوه وغير الدعوه فى تعاملتنا العاديه

حبيبى يا دكتور

سارة علي يقول...

وعندما تفقدنى الحياة بسمتى ايقن انى قاربت الرحيل ........اعود بروحى وجسدى لقبر رخامى جميل ........وانثر عبير الازهار لتمتص عنى الحمل الثقيل ......لايقن ان وجودى بسمة وقلب ومشاعر تبرق فى ظلامى كقنديل ......
موضوعك جميل اوى
فى انتظار جديدك
تقبل مرورى

همسات تربوية يقول...

نعم الابتسامة هي بلسم الحياة في دعوتنا وديننا وإضافة إلى الابتسامة فنحن بحاجة إلى ما هو أعمق من الشكل الظاهري
نحن بحاجة الى الحب
ولقد تعلمنا في دعوة الإخوان أن العمل للإسلام بحاجة إلى همة عالية تعلو فوق اليأس والإحباط وأن ذلك لا يتأتى إلا بالحب، وتعلمنا في دعوة الإخوان أن العمل لدين الله يحتاج إلى عزيمة تقهر التذبذب والاضطراب والتراجع النفسي ولا يتأتى ذلك إلا بالحب، وتعلمنا في دعوة الإخوان أنها بحاجة إلى حافز قوي يعين على الثبات والتضحية والجهاد في سبيلها ولا يتأتى ذلك إلا بالحب، وتعلمنا في دعوة الإخوان أن حب الدعوة هو أجمل وأغلى وأحلى ما في الدنيا، وأن حب الدعوة هو نور حياتنا الذي يجعلنا نتحمل كل الصعاب، وتعلمنا في دعوة الإخوان حينما يكون انتماؤك لها انتماء حب فلا تتمنى مفارقتها ولا زوالها وتحب الإقبال عليها، وتعلمنا في دعوة الإخوان أن الحب هو أقوى وأخطر عاطفية تغييرية هائلة تنقل صاحبها من الظلمات إلى النور ومن الضلال إلى الهدى.

(صندوق الدنيا) يقول...

بالفعل
الدعوة إلى الله فن..وذوق..وحكمة...وموعظة حسنه
والقبول منحة وهبه
وأيسر الطرق هي أن تسلك السلوك الذي تحب أن تدعوا إليه
جزاك الله خيرا أخي الكريم(طبيب بيطري)

Empress appy يقول...

انت فين يا رب تكون بخير يا رب